عتبر الخط العربي من أهمّ الفنون الإبداعية التي ساهمت الحضارة العربية الإسلامية، على مدى عصور من الزّمن، في انتشارها وفسحت المجال أمام الخطاطين والفنانين، من كلّ أصقاع العالم، للخوض في غماره رغم الصرامة الواضحة في قواعده واكتشاف سرّ تميّزه وتنوّعه وذلك لما يحمله هذا الفن من دور مهمّ في التعريف بصور الحروف المفردة وأوضاعها وتركيباتها من جهة، وفي شحذ المواهب لاكتساب القدرة على تربية الذوق السليم من جهة أخرى. وفي هذا الإطار نظّمت وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون والاشتراك مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" الاثنين 14 نوفمبر 2022 بالقرية التونسية للفرونكوفونية بجربة ميدون، ندوة حوارية تحمل عنوان "فنون الخط: ذاكرة مشتركة وتراث حيّ وفن متنوّع"، بإشراف الدكتورة حياة قطاط القرمازي، وزيرة الشؤون الثقافية، وبحضور الدكتور مراد المحمودي أمين المجلس التنفيذي والمؤتمر العام وممثّل مدير عام المنظمة الدكتور محمد ولد أعمر ووالي مدنين السيد سعيد بن زايدة. هذه الندوة الحوارية تندرج ضمن برنامج تظاهرة ثقافية انطلقت فعالياتها الأحد 13 نوفمبر 2022 بمناسبة افتتاح القرية التونسية للفرونكوفونية والتي تضّمنت، في يومها الأوّل، تدشينا لمعرض فني يقدّم مختلف الأشكال الهندسية لفنون الخط وأنواعه المتعددة وذلك من خلال عرض لمجموعة قطع من نفائس التراث الوطني يتم استخراجها للمرة الأولى. وتتمثّل هذه القطع في عدد من اللوحات الفنية والعناصر المعمارية الفريدة والأواني والأثاث والملابس التي زُخرفت بهذه الكتابة وتبرز جماليات هذا الفن وتركيباته. وفي كلمة ألقتها بالمناسبة توجهت الدكتورة حياة قطاط القرمازي وزيرة الشؤون الثقافية بجزيل الشّكر إلى منظمة "الألكسو" وكلّ المؤسسات الراجعة بالنظر إلى الوزارة وكلّ إطارات متحف "للّا حضرية" والسلط الجهوية والمحلية والمكتبات العائلية بجزيرة جربة وأهالي ولاية مدنين على حسن تعاونهم وإسهامهم المتميّز في تنظيم معرض فنون الخطّ الذي سيساعد بشكل غير مباشر في إحياء هذا الفن وفي مزيد التعريف بأنواعه ومهاراته الإبداعية باعتباره عنصرا من عناصر الهوية الاسلامية، خاصّة أنّ تونس سبق لها وأن شاركت في 14 ديسمبر 2021 في ادراج ملف الخط العربي على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي بمعية 15 دولة عربية وهي: المملكة العربية السعودية (المنسقة) والجزائر والمغرب وموريتانيا ومصر والعراق والكويت والأردن ولبنان والبحرين والكويت وعمان والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن. كما أشارت وزيرة الشؤون الثقافية إلى أنّ هذا المعرض، الذي سيتواصل إلى غاية 22 نوفمبر 2022، وما يحتويه من مختلف الشواهد من نقائش ومخطوطات ولوحات شاهد بالغ على ثراء التراث الوطني الذي يتبوّء فيه الخط العربي مكانة جعلت منه مكوّنا رئيسيا للثقافة العربية وأحد سماتها الجوهرية حيث يقدّم للزائرين قراءة خاصة في فنون الخطّ من منظور ما تجسّده من مشترك تاريخي وإنساني عبر تلاقي تأثيرات ثقافية مختلفة وما تمثّله من تراث ثقافي ينبض بالحياة ويزخر بالتنوع إذ تعكس محتوياته التواصل بين الأعماق الجهوية اللغوية المحلية والمكتسبات الوافدة.