مقال محمود الحرشاني هل تنقرض الاحزاب السياسية قريبا؟ من ركائز الحياة السياسية والنظم الديمقراطية في كل بلدان العالم وجود احزاب سياسية وراءها منخرطون وتتبنى برامج واطروحات منها ما يصل الى الحكم فيقوم بتنفيذ تلك البرامج ومنها من يبقى في الواجهة الاخرى اي موقع المعارضة. والحياة السياسية في مسارها السليم تتغذى من هذا وذاك في اطارالالتزام بعدم المساس بمصالح الوطن داخليا وخارجيا.فلا قيمة ولا مكان لحزب سياسي في الحكم كان ام في المعارضة يتبنى اطروحات جهات اجنبية او يعمل على تكريس اجندات خارجيةاو يسعى الى الاضرار بالوطن.. ونحن في تونس بعد ان عشنا سنوات على الحزب الواحد عرفنا بعد سنة 2011 ميلاد وتاسيس عشرات الاحزاب الجديدة حتى ان عدد هذه الاحزاب تجاوز عدد ال 260 حزبا حاصلة على التاشيره الرسمية.وبعض هذه الاحزاب موجود فقط في الرائد الرسمي او على الورق وغالبية المواطنين لم يسمعوا بها ولا يعرفون عنها او عن برامجها وحتى عن مؤسسيها شئيا مما يجعل وجودها مجرد ارقام . وقد يكون بعضها اندثر تلقائيا لعدم القيام باي نشاط..وتحولت هذه الاحزاب السياسية الى مجرد دكاكين سياسية ما ان تفتح مقراتها حتى تغلقها وتنسحب لغياب البرامج الواضحة والقدرة على استقطاب المنخرطين وخصوصا غياب التجربة السياسية عند اغلب اعضائها. وبعض الاحزاب تكونت لمناسبات كالمشاركة في الانتخابات التشريعية او البلدية وعندما جربت حظها وفشلت انسحبت من الساحة.ولنا في احزاب نداء تونس وتحيا تونس ومشروع تونس وغيرها من الاحزاب التي اندثرت اليوم وغابت عن الساحة السياسية اكبر دليل على ذلك. وليس الامر ببدعة تونسيه في الحقيقة ففي كل بلدان العالم تتكون احزاب سياسيةة لمناسبات سياسية تراهن في نجاحها وبقائها على فوزها في هذه الانتخابات او المشاركة في مناسبة سياسية بارزه ولا يكن لها من طول النفس والتجربة ما يضمن لها الاستمرار وهناك احزاب تفقد مرورها بمرور الزمن وتاكل ماكينتها الانتخابية او انها لم تجدد نفسها ولنا في الحزب الجمهوري دليل على ذلك فلا يكاد العامة يعرفون من هذا الحزب الا امينه العام من خلال حضوره في البرامج التلفزية والاذاعية او اصدار بعض البيانات للتعبير عن مواقف.اما على الساحه فان هذه الاحزاب عاجزة عن استقطاب الناس وتفشل في عقد اجتماعات عامة مهما بذلت من جهود ولم يبق من هذه الاحزاب الا العدد القليل لا يتجاوز عدد اصابع اليدين وهي احزاب استطاعت ان تصمد وتستمر وتوسع من قاعدتها الشعبية ولها برامج واضحة تدافع عنهاو لعل من اهم الاحزاب السياسية اليوم والتي لها قدرة على التعبئة الشعبية والتواصل مع الجماهير ولها انصار يعدون بالالاف نجد الحزب الدستوري الحر برئاسة السيده عبير موسي القادمة من التجمع الدستوري الديمقراطي والتي تتبنى الدفاع عن خيارات الدولة الوطنية والارث البورقيبي وجعلت.. منه مدار الرحى في معركتها ضد الخصوم ايمانا بان الارث البورقيبي والدفاع عنه هو صمام الامان للحفاظ على ديمومة الدولة الوطنية ومكاسبها .وتقف اليوم رئيسة الحزب مدافعة بشراسه عن الخيارات الاساسية التي يتبناها حزبها غير عابئة او مكترثه بتهجمات الخصوم او محاولة النيل منها او تهميشها وحجتها ان الدستوري الحخر رهو الحزب الاقوى في تونس اليوم القادر على تنظيم الاجتماعات الشعبية والتواصل مع الجماهير. ومع الدستوري الحر مازال حزب حركة النهضة محافظا على مكانته في الساحة ولو بنسبة اقل عما كان عليه في السابق وقد خفت بريق هذا الاحزب الذي تبنى اطروحات اسلامية وغازل الناس باه الحزب الذي يخاف وكان بقية الاحزاب كافره او لا تؤمن بالله ويمكن القول ان هذا الحزب خسر العديد من انصاره بعد خروج حركة النهضة من الحكم وخاصة بعد مسار 25 جويلية التصحيحي ا وبقية الاحزاب هي بطبيعتها وان كانت موجوده فهي احزاب صغيرة تاثر وجودها كثيرا بمسار 25 جويلية 2021 باستثناء جركة الشعب الحزب الذي اعلن منذ اليوم الاول مساندته لمسار 25 جويلية واظهار القطيعة مع الاحزاب الاخرى وخاصة حركة النهضة وحتى مع الدستوري الحر وتفصى من ارتباطه مع حزب التيار الديمقراطي. ولكن ما يلاحظ ان هذه الاحزاب جميعها ما عدا حركة الشعب هي في قطيعة مع مسار 25 جويلية ومثلما قاطع اغلبها الاستفتاء على الدستوريوم 25 جويلية الفارط تقاطع هذه الاحزاب الان الانتخابات التشريعية السابقة لاوانها والتي تجرى لاول مره على فاعدة انتخاب الافراد وليس على القائمات الحزبية او الائتلافيه..وربما غياب الاحزاب عن هذه الانتخابات هو الذي افقد الحملة الانتخابية وقد انتهى اسبوعها الاول الحيوية والحركية فقد غابت الاجتماعات الشعبية واعتمد المترشحون لهذه الانتخابات على الاتصالات الفردية بالمواطنين في المقاهي والساحات العامه والاسواق وتوزيع برامحهم الانتخابية.وعلى حد قول ووصف وتوصيف نورالدين الطبوبي فان هذه الحملة الانتخابية التشريعية بلا لون ولا طعم ولا رائحه وفي انتظار تقييم هذه التجربة من قبل المختصين في العلوم السياسية فانه من الطبيعي جدا بان كل مرحلة سياسية جديدة في كل بلدان العالم تفرز خيارات جديده ونلاحظ اليوم ان العالم اليوم يتخلى تدريجيا عن نظام الاحزاب وتقوم الحياة السياسية في هذه الانظمه على تواجد حزبيين قويين يتنافسان على الحكم مع تواجد ضعيف لبقية الاحزاب. ويبدو جليا ان عديد الاحزاب السياسية تواجه خطر الانقراض ومن سيصمد منهاستكون امامه معركة طويلة لاثبات وجوده في ظل تمش يسعى جاهدا لتحجيم دور الاحزاب واضعاف مكانتها في الساحة وعدم التعويل عليها او تشريكها في الخيارات الوطنيه. فهذه الاحزاب في ظل هذه الوضعية ستجد نفسها اشبة بدون كيشوت يصارع طواحين الهواء كتبه محمود حرشاني 01 ديسمبر 2022