تأتي حملة الاعتقالات التي طالت من ضمن ما طالت ما يعرف في نظام الرئيس الراحل زين العابدين برئيس حكومة الظل رجل الأعمال الأكثر إثارة للجدل و المولع بالسياسة و الذي وصفة رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي بالصديق كمال لطيف و سياسيين كبار بعضهم مناصب شغل وزارية و قيادية في نداء تونس منل لزهر العكرمي و وزير العدل الأسبق عن حركة النهضة نور الدين البحيري إعلاميين متنفذين مثل نور الدين بوطار مدير عام إذاعة موزاييك و قيادات أمنية و رجال قانون و نواب سابقين مثل عبد الحميد الجلاصي و وليد جلاد و التهمة الموجهة إليهم هي التآمر على أمن الدولة عقب الانتخابات التشريعية في دورها الثاني و قبيل انعقاد المجلس النيابي الجديد في الرابع من مارس القادم. و تختلف وجهات النظر تجاه ما يجري بين مشكك و رافض و مؤيد و تبقى القاعدة القانونية سارية المفعول المتهم بريء حتى تثبت إدارته. لكن ما يهمنا هو فحص و تحليل الوضع العام في البلاد و الوضع الإقليمي و الدولي الذي لا يمكن أن لا يكون بأي حال من الأحوال مؤثرا فينا. يقدم الرئيس قيس سعيد نفسه كحامل للواء التغيير و كرجل المرحلة و تضعه آخر استطلاعات الرأي التي أجراها "معهد سيغما كونساي" في المرتبة الأولى في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية لو قدر لها أن تجرى بنسبة 40 % متقدماعن الكاتب الصحفي و الناشط السياسي الصافي سعيد و رئيسة الدستوري الحر عبير موسي. و قد لفت في عملية سبر الآراء الأخيرة صعود نجم المغني كادوريم و هو من المفارقات و الغرائب فعلا في عالم السياسة اليوم. الرئيس يحاول اليوم، الوفاء بتعهداته تجاه الشعب التونسي و الضرب بيد من حديد على الفاسدين و المحتكرين و المضاربين و هو يؤمن أنها معركة طويلة و صعبة و مريرة كان الله في عونه إذا صدقت نواياه فعلا و التهم لا يشوبها شك أو ريب. و هو مسنود سياسيا في ذلك بتنسيقيات عديدة التي تدعم بقوة مسار 25 جويلية. و من المهم الإشارة أنه لو ثبتت و تأكد قضائيا الإيقافات اليوم و التي قد تطال عديدين آخرين سترتفع شعبية الرئيس مما يعزز فرصه أكثر في العمل ربما بنوع من الأريحية و الثقة في النفس و المضي قدما في تنفيذ مشاريعه خصوصا في هذه الفترة التي يتصاعد فيها الحديث عن تجاوزات و تحديات أمنية و تسريبات خطيرة تتعلقببعض الفرق و العناصر بالمؤسسة الأمنية على علاقة بالنظام العام و بالجريمة الإرهابية حسب البرنامج الإستقصائي التي بثته قناة الجزيرة القطرية خلال الأيام القليلة الماضية. حالة من الشد و الجذب و من التوترات في أكثر من قطاع حساس عدا عن نشاط المعارضة و سخونة المعركة الكلامية و لغة التهديد و الوعيد و الإلتجاء في بعض الأحيان إلى أطراف للإستثمار بها و طلب العون و خلق حالة من الفوضى و إثارة الرأي الدولي ينطبق على الاتحاد العام التونسي للشغل و بعض الأحزاب السياسية. كما تتواصل أيضا مطالب الأساتذة النواب المشروعة أمام تلكؤ الوزارة ذات الصلة و تنصلها من وعودها و تلاعبها بأعصاب منظوريها. في الوقت ذاته تواصل الحكومة عملها الدؤوب على أكثر من صعيد داخليا و خارجيا حيث زيارة لدولة الإمارات أجرتها رئيسة الحكومة نجلاء بودن في قمة دولة للحكومات العربية و كانت لها لقاءات بشخصيات كبيرة و وفود هامة منها رئيسة الصندوق الدولي حيث تجدد الحديث خلالها عن القسط الأول من القرض و عن مدى استيفاء الحكومة لتلك الشروط. و قد أكدت مصادر صحفية و إعلامية أن نسق المفاوضات في تقدم. بينما الإتحاد الأوروبي يتمسك بشراكته بتونس لكنه ينتقد بشدة اعتقال خصوم الرئيس بدعوى الدفاع عن الديمقراطية و الحريات. الوضع الراهن ليس وليد اللحظة لكنه نتيجة تراكم وقائع و أحداث على الأقل على ارتباط بأزمة فيروس كورونا و بالحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت من تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد و إذا كان تغيير 25 جويلية كان كردة فعل ضد حكام سنوات ما بعد الثورة خصوصا الإسلام السياسي فإن التغيير يجب أن يكون جملة عمليات إصلاح ديناميكي متواصل استباقية و أن شرط نجاح مسار 25 جويلية مرتبط أساسا بنوعية الفريق التي يدير دفة الحكم و مدى اهتمامه بواقع التونسبين و تفاعله مع الإقليم و مع الفاعلين السياسيين الكبار في العالم و يمكن دائما أن يكون الحوار الوسيلة المثلى لحل معضلاتنا السياسية في إطار قضاء نزيه و شفاف لكن لا للتسامح مع من ينوي إيذاء التونسيين أو مصمم على الإنتقام منهم و إشعال نار الفتنة.