التمترس بقمة الجبل لا ينفع احدا بقلم محمود حرشاني *
يمكن القول بانه يصعب التكهن بما ستكون عليه الاوضاع في تونس في قادم الايام في ظل احتداد الازمة السياسية والاقتصاديه والمالية و تنامي لغة التصعيد من هذا الطرف او ذاك ..ولا تلوح في الافق اي بارقة تواصل بين الاطراف المتنافره للوصول الى ارضية يمكن ان ينطلق منها حوار وطني مسؤول ينهي الازمة..ويساهم في ايجاد الحلول لها...ويبدو ان كل طرف من هذه الاطراف يعتقد ان الحل بيده وانه الوحيد على صواب...وهنا تغيب اهم خصلة يجب ان يتحلى بها المسؤول في الظروف الصعبة وهي خصلة التواضع والاستماع الى الاخر.. اما اذا ما تمترس كل طرف وصعد الجميع الى قمة الجبل معتقدا انه وحده على صواب فهذا هو الخطر بعينه..ولا نجانب الصواب عندما نقول ان كل الاطراف المعنية بايجاد حل عاجل لازمة البلاد قد سارعت بالصعود الى اعلى قمة الجبل وبات كل طرف من هذه الاطراف يصعد من لهجته بما لم يعد معه ممكنا ايجاد ارضية تفاهم تسمح بالحد الادني من حوار وطني مسؤول لا يستثني احدا طالما ان مستقبل البلاد يهم الجميع. عندما تغيب لغة الحوار والتفاهم تحل لغة التصعيد والتجييش والتلويح بسيناريوهات لا طاقة للبلاد باحتمالها..بل ستزيدها وهنا على وهن وتنذر بما هو اخطر ولن يستفيد احد من لغة التصيد التي علت نبرتها في الايام الاخيرة من عديد الاطراف وخاصة من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي اشعل كل الاضواء . ولم يستبعد ولو في لهجة مبطنه اللجوء الى الشارع وعبر في اكثر من مناسبة عن تخوفه من انحراف البلاد الى المجهول امام ما اسماه انعدام كل قنوات التواصل مع الحكومة ومع رئيس الجمهورية وامام انهيار شبه كلي لمقرة المواطنين الشرائية وتواصل غياب المواد الاساسية من الاسواق وارتفاع الاسعار. وجاء مشروع ميزانية سنه 2023 وما تضمنه من اجراءات جبائية جديده ليزيد الطين بله وفي تفاقم الازمة لترتفع اصوات من اطراف عديدة تدعو الى العصيان الجبائي وخاصة من قبل عماده المحامين ومعها الاتحاد العام التونسي للشغل واطراف عديده اخرىعبرت عن رفضها لقانون المالية الجديد الذي وصفه هشام العجبوني الخبير المحاسب والقيادي بالتيار الديمقراطي في حوار مع قناة التاسعه بالقانون مجهول النسب والهويه فلا احد تبناه. وعلى الطرف الاخريتاكد يوما بعد اخر ان رئيس الجمهورية ماض في خياراته ولا يرغب في التراجع كما يتاكد يوما بعد اخر انه رافض لكل تعامل مع الاحزاب السياسية بل هو لا يعتبر ان لها مكانا اليوم في المسار السياسي الذي اختطته منذ 25 جويلية 2021 حتى وان عكست نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية في دورتها الاولى والتي كانت في حدود 11 في المائة عدم رضا غالبية الشعب على هذا المسار وهو ما يتطلب من الرئيس قيس سعيد القيام بمراجعة ضرورية لخياراته يميلها عليه واجب تحمل الامانه الوطنيه تجاه الشعب الذي لا ناقه له ولا جمل في تواصل الخلافات بين الفرقاء السياسيين وانعدام قنوات التواصل بين قرطاج وبقية الاطراف.وهو يحمل الجميع مسؤولية تدني الاوضاع المعيشية في البلاد ولا يهمه ابدا من يكون الطرف المتسبب في تواصل الازمة واحتدادها. ....صحيح ان بعض الاطراف التي وجدت نفسها خارج السياق او فقدت اماكنها لا تتورع عن تاجيج الازمة وتمركزها السابق في مواقع حساسة في دواليب الدوله يمكنها من تعطيل الكثير من الامور ووضع العصا في العجلة كما يقال بهدف تاليب الراي العام وترك الازمة متواصلة ولكن هذا العامل على اهميته ليس المتسبب وحده في تواصل الازمة وترديها يوما بعد اخر. ونعتقد ان من الاسباب الاساسية هو انعدام التجربة لدى الكثيرين.وسياسة اقصاء الاطارات المقتدره التي عملت في دواليب الدولة في الماضي واكتسبت التجربة والدربة وتملك التصورات الضرورية. بدعوى عدم احياء المنظومة القديمة والتعويل على اطاراتها وكفاءتها للخروج من الازمات وهذا لعمري من الاخطاء المنهجية الكبرى التي ارتكبها الساسة الجدد في حق الدولة التونسية. ..اننا نستقبل بعد ايام قليلة سنة ميلادية جديدة وكل المؤشرات تؤكد انها سوف تكون صعبة على التونسيين وهو ما يتطلب من الجميع النزول من اعلى قمة الجبل في لحظة احساس بالمسؤولية الخطيره تجاه الوطن والشعب وان يشعر كل طرف في هذه المرحلة ان الوطن في خطر وانه على الجميع التحلي بروح المسؤولية ونكران الذات وعدم الاعتداد بالنفس وان الحلول مازالت ممكنه لتفادي ما هو اسوا لا قدر الله حبا في تونس ووفاء لها