إمرأة اللّيل ......رواية للمبدعة فتحية نصري ____________________________________ كتاب مازلت أتوسّده ليلا.. فكلّما قرأت هذه الرّواية تأكّد لديّ أنّ هذا العمل رغم صلته بالواقع...بقضايا المجتمع التي تقرّ الصّراعات ..فإنّه ذو بعد نفسيّ عميق ورحب... وأعتقد أنّ هذا المنحى هو حديث بالنّسبة للفكر العربي ... فهذه النماذج الروائية تؤكّدانهيار النّفس التي يّسْتلبّ فيه الجسدُ تعطي دلالات أخرى أعمق وأبلغ تجسيما للعنف الفكري والتّعسّف الإجتماعي والسّياسي .. وهي من وجهة تأويلي قضيّة فكريّة هامّة عمّقها إحساس نفسيّ حادّ بمايدور حولنا.. نجمة بطلة هذه الرواية وجدت نفسها ضحيّة اغتصاب سافر من "العم صالح" الذي أغلق عليها باب الدّكان ونال منها ما أشبع نهمه الجنسي ... فانتهت باكرا عندما اصطدمت بجبروت النواميس والظّلم الإجتماعي بماهو خصاصة ويتم وغربة واغتراب...نجمة أحسّت بالذّنب وهي تعترف في أول فصول الرّواية تقول والإعتراف حارق "أعترف أمام الملأ أنني إمرأة ضالّة ...تشتّت بها السّبل فباعت جسدها لمن يدفع أكثرَأعترف بأنّ شظايا الرّوح ماعادت تحتملُضعفي وجبروتي ..أعترف أمامكم أنكم أنتم كنتم سبب سقوطي ومحنتي"ص 18 والإحساس بالذّنب والخطيئة نظريّة فروديّة في التّحليل النّفسي ..فالتّداعيات هي بسكولوجيا تهيج التّذكّر وقد تعيد التوازن للشخص في النهاية ... وفتحية نصري تعكس في هذا الى حدّ بعيد ثقافة المبدع وانتماءاتها التي تعبر عن فكر يغيّر المفاهيم الأدبية السّائدة ويرنو لإبداع فارق ومتفرّد في تقديم النّماذج الإجتماعية المطحونة الذّات ..... ونجمة المتحدُّث عنها في هذا المنجز ليست الا تجسيما لأزمة المثقف العربي في وطن يصادر مواقفه وتوجهاته ورؤاه..فهذا الصراع وهذه الإنحرافات للبطلة "نجمة"تبلور العبث الكامن في كيان مجتمعاتنا .. ففي هذه الرواية التي أتوسّدها ليلا الى جانب البعد النفسي الذي اقتصرت فيه على "الإعتراف بالذّنب والخطيئة في التحليل النفسي لدى فرويد " و أبعاده منثورة هنا وهناك عبر فصولها فقد وجدت أبعادا اجتماعيّة أخرى على مستوى التأويلات المتاحة للقضايا المطروحة فهناك مجالات للممارسة الإجتماعية والثقافية والسيّاسية بل قل مكبلات تطرح مفارقاتها بين المرأة والرّجل في مجتمعاتنا العربية .. أليس الحديث في هذه الرّواية عن "عهر امرأة اللّيل" هو طرح جريء لقضية المرأة في المجال السياسي ...وأقصد "العهر السيّاسي"في مجتمعات ذكورية تقف دون تحقيق المرأة لحقّها في العمل السياسي وفي مواقع القرار ...فيمارس الرجل علها اللإضطهاد والتّملّك والإغتصاب المعنوي ليطيح بكل وعي آخر قادر على الإعتراف بقدراتها..... (ويكفي أن تكون وأنت لاشيء قريبة من اصحاب النّفوذ لتشرفي على الإحتفالات الوطنيّة في أفخر النّزل ...لايهمّ أن تكوني خطيبة فصيحة...فسيدسون في ملفّك ورقة كتب عليها الخطاب ...فقط تمرّني عليه لتنطلي عليهم وجاهتك وادراتك للإجتماعات..) بتصرف ص 112 وفي انتظار ما ستدرّه عليّ قراءات أخرى في هذا المنجز أقول إنّه عمل فرض عليّ التّمهّل في قراءته...وما أكتبه هنا على جداري يلزمني وحدي ..فقد تكون أوهام القراءة التي لا تتمّ الاّ بدواخلنا وبما أثاره فينا ... وإلى حلقة أخرى لكتاب أتوسدّه ليلا ..أقول شكرا فتحية نصري فقد روضتني نجمة على السّهر ليلا..