بعد أن وصلت مهرجان عامر بوترعة للشعر العربي في دورته العشرين، في مدينة سيدي بوزيد العزيزة النائية الهادئة النظيفة، وبعد معاناة كبيرة ومتاعب جمة عانيتها في هذه الرحلة الشاقة من أجل المشاركة في هذا الملتقى الابداعي الكبير، وانا في شوق لأصدقائي واهلي واخوتي، كان الوقت قد تجاوز الساعة العاشرة ليلا، وانتهى اليوم الاول دون ان أرى اصدقائي الشعراء الذين شاركوا، كما احب وأهوى، وترك ذلك حسرة كبيرة في قلبي لا تمحي، ولكن بمجرد ان وصلت، ورأيت اخوتي وأحبائي وترحابهم وحفاوة استقبالهم، ذهب كل العناء والمشقةوالتعب، صار مجرد ذكرى، صحيح انها مؤلمة، لكنها مضت وانقضت على اي حال، وما وجدته من اهلي واخوتي في سيدي بوزيد عوضني عن كل ما عانيت في تلك الرحلة. وكان اختتام اليوم الاول بحفل فني ساهر يغني فيه شاب تونسي وسيم اغاني القدود الحلبية لصباح فخري، وصوته الجميل وأداؤه الرائع ورقصاته التي يحاول فيها ان يتماهى فيها مع صباح فخري تمنحك قدرا لابأس به من السعادة والطمانينة. كان في استقبالي واستلامي من سيارة التكسي الاستاذ انيس الدائم رئيس المركب الثقافي أبوبكر القمودي بسيدي بوزيد ومساعده عبدالقادر، ثم ذهبنا الى الاحتفال حيث كان في استقبالي اخي الحبيب الشاعر المبدع، الوفي محمد نجيب الهاني والشاعر عبداللطيف العمري، والشاعر يوسف عفط والشاعرة مليكة عبدالنبي، والشاعرة الروائية فاطمة بن محمود، والشاعر مكرم الصويعي، وآخرون أحاول ان اتذكرهم في هذه اللحظات، وأعلن أخي محمد نجيب للجمهور عن وصولي، وهو الذي كان يتواصل معي لحظة بلحظة، ويجري اتصالاته على كافة الصعد من اجل تسهيل عبوري الى تونس الحبيبة، وقد احسست ورب الكعبة انه كان يعاني مثلي ربما أو اكثر حتى، وانا اصف لها عقبات الطريق والوصول، ثم كان مساء هادئا جميلا بعدها.. وفي اليوم الثاني كان الاختتام بمجموعة أوراق نقدية جليلة حول الشعرية والقصيدة البصرية وقصيدة الحداثة والنثر، والشعر المقاوم، اثثها بورقته الاولى الاستاذ الشاعر والاكاديمي حاتم النقاطي حول القصيدة البصرية، ثم بالورقة الثانية الاستاذ الاديب والناقد الكبير التهامي، ثم بالورقة الثالثة الاستاذ اسماعيل الشعيبي حول شعر المقاومة وقصيدة (تقدموا) للشاعر الراحل الكبير سميح القاسم. وكان رئيس الجلسة الاستاذ الاديب محمود الحرشاني الذي كان نجما بحق، والذي تشاكسنا انا وهو وقد نابشته كثيرا على المنصة، وخارج المنصة، والذي أدار الجلسة الشعرية والنقدية باقتدار لافت ومثير.. وخاصة بعدما استمع مني الى وصية الاصمعي له، ولاصدقائنا الاخرين على المنصة..!! ورأيت هناك الكثير من الاصدقاء، ولذا، فإن هذه تحتاج حلقة اخرى وحدها. ثم كانت الاصبوحة الشعرية الختامية انا ومجموعة من الشعراء، تبعها توزيع شهادات التقدير على المشاركين، اما عن اهداءات الكتب، فسوف ترى اجمل العناوين وأهمها، ولن اقول شيئا في هذا الصدد، بل سأترك المجال مفتوحا للقاريء الحصيف العارف لكي يقيم هو بنفسه ونظرته هذه العناوين القيمة المثيرة ذات القضايا الهامة.